فصل: قال ابن الجوزي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} في الآية مسائل:
الأولى: ما وجه تعلق الآية بما قبلها؟ نقول: لما بين الله حسن التكاليف ووقوعها، وبين ثواب من حقق التكاليف أصولها وفروعها تحريضًا للمكلف على الطاعة، ذكر المانع ومنعه من أن يختار اتباعه، فقال الإنسان إن انقاد لأحد ينبغي أن ينقاد لأبويه، ومع هذا لو أمراه بالمعصية لا يجوز اتباعهما فضلًا عن غيرهما فلا يمنعن أحدكم شيء من طاعة الله ولا يتبعن أحد من يأمر بمعصية الله.
المسألة الثانية:
في القراءة قرىء حسنًا وإحسانًا وحسنًا أظهر ههنا، ومن قرأ إحسانًا فمن قوله تعالى: {وبالوالدين إحسانا} [البقرة: 83] والتفسير على القراءة المشهورة هو أن الله تعالى وصى الإنسان بأن يفعل مع والديه حسن التأبي بالفعل والقول، ونكر حسنًا ليدل على الكمال، كما يقال إن لزيد مالًا.
المسألة الثالثة:
في قوله: {وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} دليل على أن متابعتهم في الكفر لا يجوز، وذلك لأن الإحسان بالوالدين وجب بأمر الله تعالى فلو ترك العبد عبادة الله تعالى بقول الوالدين لترك طاعة الله تعالى فلا ينقاد لما وصاه به فلا يحسن إلى الوالدين، فاتباع العبد أبويه لأجل الإحسان إليهم يفضي إلى ترك الإحسان إليهما، وما يفضي وجوده إلى عدمه باطل فالاتباع باطل، وأما إذا امتنع من الشرك بقي على الطاعة والإحسان إليهما من الطاعة فيأتي به فترك هذا الإحسان صورة يفضي إلى الإحسان حقيقة.
المسألة الرابعة:
الإحسان بالوالدين مأمور به، لأنهما سبب وجود الولد بالولادة وسبب بقائه بالتربية المعتادة فهما سبب مجازًا، والله تعالى سبب له في الحقيقة بالإرادة، وسبب بقائه بالإعادة للسعادة، فهو أولى بأن يحسن العبد حاله معه، ثم قال تعالى: {وَإِن جاهداك لِتُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا} فقوله: {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} يعني التقليد في الإيمان ليس بجيد فضلًا عن التقليد في الكفر، فإذا امتنع الإنسان من التقليد فيه ولا يطيع بغير العلم لا يطيعهما أصلًا، لأن العلم بصحة قولهما محال الحصول، فإذا لم يشرك تقليدًا ويستحيل الشرك مع العلم، فالشرك لا يحصل منه قط.
ثم قال تعالى: {إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} يعني عاقبتكم ومآلكم إلي، وإن كان اليوم مخالطتكم ومجالستكم مع الآباء والأولاد والأقارب والعشائر، ولا شك أن من يعلم أن مجالسته مع واحد خالية منقطعة، وحضوره بين يدي غيره دائم غير منقطع لا يترك مراضي من تدوم معه صحبته لرضا من يتركه في زمان آخر.
ثم قوله تعالى: {فَأُنَبِئُكُم} فيه لطيفة وهي أن الله تعالى يقول لا تظنوا أني غائب عنكم وآباؤكم حاضرون فتوافقون الحاضرين في الحال اعتمادًا على غيبتي وعدم علمي بمخالفتكم إياي فإني حاضر معكم أعلم ما تفعلون ولا أنسى فأنبئكم بجميعه.
{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ (9)}.
وفي الآية مسائل:
المسألة الأولى:
ما الفائدة في إعادة {الذين ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات} مرة أخرى؟ نقول: الله تعالى ذكر من المكلفين قسمين مهتديًا وضالًا بقوله: {فَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكاذبين} [العنكبوت: 3] وذكر حال الضال مجملًا وحال المهتدي مفصلًا بقوله: {والذين ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات لَنُكَفّرَنَّ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ} ولما تمم ذلك ذكر قسمين آخرين هاديًا ومضلًا فقوله: {وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [العنكبوت: 8] يقتضي أن يهتدي بهما وقوله: {وَإِن جاهداك لِتُشْرِكَ} بيان إضلالهما وقوله: {إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِئُكُم} بطريق الإجمال تهديد المضل وقوله: {والذين ءامَنُوا} على سبيل التفصيل وعد الهادي فذكر {الذين ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات} مرة لبيان حال المهتدي، ومرة أخرى لبيان حال الهادي والذي يدل عليه هو أنه قال أولًا: {لَنُكَفّرَنَّ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ} وقال ثانيًا: {لَنُدْخِلَنَّهُمْ في الصالحين} والصالحون هم الهداة لأنه مرتبة الأنبياء ولهذا قال كثير من الأنبياء {وَأَلْحِقْنِى بالصالحين} [يوسف: 101].
المسألة الثانية:
قد ذكرنا أن الصالح باق والصالحون باقون وبقاؤهم ليس بأنفسهم بل بأعمالهم الباقية فأعمالهم باقية والمعمول له وهو وجه الله باق، والعاملون باقون ببقاء أعمالهم وهذا على خلاف الأمور الدنيوية، فإن في الدنيا بقاء الفعل بالفاعل وفي الآخرة بقاء الفاعل بالفعل.
المسألة الثالثة:
قيل في معنى قوله: {لَنُدْخِلَنَّهُمْ في الصالحين} لندخلنهم في مقام الصالحين أو في دار الصالحين والأولى أن يقال لا حاجة إلى الإضمار بل يدخلهم في الصالحين أي يجعلهم منهم ويدخلهم في عدادهم كما يقال الفقيه داخل في العلماء.
المسألة الرابعة:
قال الحكماء عالم العناصر عالم الكون والفساد وما فيه يتطرق إليه الفساد فإن الماء يخرج عن كونه ماء ويفسد ويتكون منه هواء، وعالم السموات لا كون فيه ولا فساد بل يوجد من عدم ولا يعدم ولا يصير الملك ترابًا بخلاف الإنسان فإنه يصير ترابًا أو شيئًا آخر وعلى هذا فالعالم العلوي ليس بفاسد فهو صالح فقوله تعالى: {لندخلهم في الصالحين} أي في المجردين الذين لا فساد لهم. اهـ.

.قال الجصاص:

قَوْله تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}.
رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلَوَاتُ لِوَقْتِهِنَّ»، قُلْت: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، قُلْت: ثُمَّ مَهْ؟ قَالَ: «بِرُّ الْوَالِدَيْنِ».
وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ» وَالْآيَةُ وَالْخَبَرُ يَدُلَّانِ مَعًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْتُلَ أَبَاهُ وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ وَكَانَ مُشْرِكًا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ لِلْوَلَدِ مِنْ الْوَالِدِ. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} فيه وجهان:
أحدهما: معناه ألزمناه أن يفعل بهما برًّا، قاله السدي.
الثاني: أن ما وصيناه به من برهما حسنًا.
{وَإِن جَاهَدَاكَ} أي ألزماك. {لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} وفيه وجهان:
أحدهما: ما ليس لك به حجة لأن الحجة طريق العلم.
الثاني: أن تجعل لي شريكًا لأنه ليس لأحد بذلك من علم.
{فَلاَ تُطِعْهُمَا} فأمر بطاعة الوالدين في الواجبات حتمًا وفي المباحات ندبًا ونهى عن طاعتهما في المحظورات جزمًا، وقد جاء في الأثر. لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
{إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ} يعني في القيامة.
{فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} يعني في الدنيا من خير يستحق به الثواب وشر يستوجب به عقاب.
واختلفوا في سبب نزولها وإن عم حكمها على قولين:
أحدهما: نزلت في سعد بن أبي وقاص وقد حلفت أمّه عليه وأقسمت ألا تأكل طعامًا حتى يرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم. قاله مصعب وسعد وقتادة.
الثاني: أنها نزلت في عياش بن أبي ربيعة. اهـ.

.قال ابن عطية:

قوله تعالى: {ووصينا الإنسان بوالديه} الآية، روي عن قتادة وغيره أنها نزلت في شأن سعد بن أبي وقاص، وذلك أنه هاجر فحلفت أمه أن لا تستظل بظل حتى يرجع إليها ويكفر بمحمد فلج هو في هجرته، ونزلت الآية، وقيل نزلت في عياش بن أبي ربيعة، وذلك أنه اعتراه في دنيه نحو من هذا بعد أن خدعه أبو جهل ورده إلى أمه الحديث في كتاب السيرة، ولا مرية أنها نزلت فيمن كان من المؤمنين بمكة يشقى بجهاد أبويه في شأن الإسلام أو الهجرة فكان القصد بهذه الآية النهي عن طاعة الأبوين في مثل هذا، لعظم الأمر وكثرة الخطر فيه مع الله تعالى، ثم إنه لما كان بر الوالدين وطاعتهما من الأمر الذي قررته الشريعة وأكدت فيه وكان من القوي عندهم الملتزم قدم الله تعالى النهي عن طاعتهما، وقوله: {ووصينا الإنسان بوالديه حسنًا} على معنى أنا لا نخلّ ببر الوالدين لكنا لا نسلطه على طاعة الله لاسيما في معنى الإيمان والكفر وقوله: {حسنًا} يحتمل أن ينتصب على المفعول، وفي ذلك تجوز ويسهله كونه عامًا لمعان، كما تقول وصيتك خيرًا أو وصيتك شرًا، عبر بذلك عن جملة ما قلت له، ويحسن ذلك دون حرف جر كون حرف الجر في قوله: {بوالديه} لأن المعنى {ووصينا الإنسان} بالحسن في فعله، مع والديه، ونظير هذا قول الشاعر: الرجز:
عجبت من دهماء إذ تشكونا ** ومن أبي دهماء إذ يوصينا

خيرًا بها فكأننا جافونا. ويحتمل أن يكون المفعول الثاني في قوله: {بوالديه} وينتصب {حسنًا} بفعل مضمر تقديره يحسن حسنًا، وينتصب انتصاب المصدر، والجمهور على ضم الحاء وسكون السين، وقرأ عيسى {حَسَنًا} بفتحهما، وقال الجحدري في الإمام مكتوب {بوالديه إحسانًا} قال أبو حاتم يعني في الأحقاف، وقال الثعلبي في مصحف أبي بن كعب {إحسانًا} ووجوه إعرابه كالذي تقدم في قراءة من قرأ: {حسنًا}. وقوله تعالى: {إليَّ مرجعكم} وعيد في طاعة الوالدين في معنى الكفر، ثم كرر تعالى التمثيل بحالة المؤمنين العاملين، ليحرك النفوس إلى نيل مراتبهم، وقوله تعالى: {لندخلنهم في الصالحين} مبالغة على معنى في الذين هم في نهاية الصلاح وأبعد غاياته وإذا تحصل للمؤمنين هذا الحكم تحصل ثمره وجزاؤه وهو الجنة. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

قوله تعالى: {ووصَّينا الإِنسان بوالديه حُسْنًا}.
وقرأ أُبيُّ بن كعب، وأبو مجلز: وعاصم الجحدري {إِحسانًا} بألف.
وقرأ ابن مسعود، وأبو رجاء: {حَسَنًا} بفتح الحاء والسين.
روى أبو عثمان النَّهْدي عن سعد ابن أبي وقَّاص، قال: فيَّ أُنزلت هذه الآية، كنت رجلًا بَرًّا بأُمِّي، فلمَّا أسلمتُ قالت: يا سعد! ما هذا الدِّين الذي قد أحدثتَ، لَتَدَعنَّ دِينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموتَ فتُعيَّر بي فيقال: يا قاتلَ أُمِّه، قلت: لا تفعلي يا أُمَّاه، إِنِّي لا أَدَعُ ديني هذا لشيء، قال: فمكثتْ يومًا وليلة لا تأكل، فأصبحتْ قد جُهِدَتْ، ثم مكثتْ يومًا آخر وليلة لا تأكل، فلمَّا رأيتُ ذلك قلتُ: تعلمين والله يا أُمَّاه لو كانت لكِ مائة نَفْس فخرجتْ نَفْسًا نَفْسًا ما تركت ديني هذا لشيء، فكُلي، وإِن شئتِ لا تأكلي، فلمَّا رأت ذلك أكلتْ، فأُنزلت هذه الآية.
وقيل: إِنَّها نزلت في عيَّاش بن أبي ربيعة، وقد جرى له مع أُمِّه نحو هذا.
وذكر بعض المفسرين أنَّ هذه الآية، والتي في [لقمان: 15] وفي [الأحقاف: 15] نزلن في قصة سعد.
قال الزجاج: مَنْ قرأ: {حُسْنًا} فمعناه: ووصَّينا الإِنسان أن يفعل بوالديه ما يَحْسُن، ومن قرأ: {إِحسانًا} فمعناه: ووصينا الإِنسان أن يُحْسِن إِلى والديه، وكان {حُسْنًا} أعمَّ في البِرّ.
{وإِن جاهداك} قال أبو عبيدة: مجاز هذا الكلام مجاز المختصر الذي فيه ضمير، والمعنى: وقلنا له: وإِن جاهداك.
قوله تعالى: {لِتُشْرِك بي} معناه: لتشرك بي شريكًا لا تَعْلَمه لي وليس لأحد بذلك عِلْم، {فلا تُطِعْمها}.
قوله تعالى: {لَنُدْخِلَنَّهم في الصالحين} أي: في زُمرة الصَّالحين في الجنة.
وقال مقاتل: {في} بمعنى مع. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا}.
نزلت في سعد بن أبي وقّاص فيما روى الترمذي قال: أنزلت فيّ أربعُ آيات فذَكَر قصةً؛ فقالت أم سعد: أليس قد أمر الله بالبرا والله لا أطعم طعامًا، ولا أشرب شرابًا حتى أموت أو تكفر؛ قال: فكانوا إذا أرادوا أن يُطعموها شَجَرُوا فَاهَا فنزلت هذه الآية.
{وَوَصَّيْنَا الإنسان بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} الآية.
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
وروي عن سعد أنه قال: كنت بارًا بأمي فأسلمتُ، فقالت: لتدعنّ دينك أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعيَّر بي، ويقال يا قاتل أمه، وبقيت يومًا ويومًا فقلت: يا أماها لو كانت لك مائة نفس، فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا، فإن شئت فكلي، وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت ونزلت: {وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي} الآية.
وقال ابن عباس: نزلت في عيّاش بن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه وقد فعلت أمه مثل ذلك.
وعنه أيضًا: نزلت في جميع الأمة إذ لا يصبر على بلاء الله إلا صدّيق.
و{حُسْنًا} نصب عند البصريين على التكرير أي ووصيناه حسنًا.
وقيل: هو على القطع تقديره، ووصيناه بالحسن كما تقول وصيته خيرًا أي بالخير.
وقال أهل الكوفة: تقديره ووصينا الإنسان أن يفعل حسنًا فيقدر له فعل.
وقال الشاعر:
عَجبتُ من دَهْمَاء إذ تَشكونَا ** ومن أبي دَهْمَاءَ إذ يُوصينَا

خيرًا بها كأنّما خافونا

أي يوصينا أن نفعل بها خيرًا؛ كقوله: {فَطَفِقَ مَسْحًا} [ص: 33] أي يمسح مسحًا.
وقيل: تقديره ووصيناه أمرًا ذا حسنٍ، فأقيمت الصفة مقام الموصوف، وحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
وقيل: معناه ألزمناه حسنًا.
وقراءة العامة: {حُسْنًا} بضم الحاء وإسكان السين.
وقرأ أبو رجاء وأبو العالية والضحاك: بفتح الحاء والسين.
وقرأ الجحدري: {إحْسَانًا} على المصدر؛ وكذلك في مصحف أُبيّ، التقدير: ووصينا الإنسان أن يحسن إليهما إحسانا، ولا ينتصب بوصينا؛ لأنه قد استوفى مفعوليه.
{إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ} وعيد في طاعة الوالدين في معنى الكفر.
{فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ والذين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصالحين} كرر تعالى التمثيل بحالة المؤمنين العاملين لتحرك النفوس إلى نيل مراتبهم.
وقوله: {لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصالحين} مبالغة على معنى؛ فالذين هم في نهاية الصلاح وأبعد غاياته.
وإذا تحصل للمؤمن هذا الحكم تحصل ثمرته وجزاؤه وهو الجنة. اهـ.